.
.
القمار هو ظاهرة منتشرة في العديد من المجتمعات حول العالم، وله تأثير سلبي كبير على الأفراد والمجتمعات. يتخذ القمار أشكالاً عديدة مثل اليانصيب والقمار الإلكتروني وبعض مسابقات التلفاز ولعب الورق والنرد على شرط. وتشير الإحصائيات إلى أن حوالي 2% من البالغين في السويد يعانون من مشاكل القمار والإدمان عليه، وهي مشكلة صحية عامة آخذة في الازدياد.
للقمار مخاطر جسيمة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والنفسي. فهو يمكن أن يؤدي إلى الإفلاس والديون وزيادة الجرائم لتأمين المال وتفكك الأسر وزيادة معدلات الطلاق. كما يمكن أن يتسبب في إهمال العمل أو الدراسة ومواجهة مشاكل صحية نفسية أخرى مثل القلق والاكتئاب وإدمان الكحول.
وقد أثبتت الدراسات العلمية وجود تشابه بين النشاط الذهني للمفرطين في لعب القمار ومدمني المخدرات، حيث تنشط مناطق الدماغ ذات الإحساس بالمتعة والمكافأة عند تحقيق الغاية، مما يدعم فكرة الإدمان على القمار. لذلك، فإن العديد من دول العالم تحظر لعب القمار بمختلف أشكاله لأسباب أخلاقية ودينية واجتماعية واقتصادية، ومن بينها المملكة العربية السعودية.
يُعرَّف القمار بأنه كل لعب يتم بين متنافسين على مال مشترك بينهم، حيث يحصل الفائز على المال بينما يخسره المغلوب. وقد حرم الفقهاء القمار لما فيه من مخالفة للشريعة الإسلامية وما يترتب عليه من مفاسد اجتماعية واقتصادية ونفسية.
تتعدد أشكال وأنواع القمار في عصرنا الحاضر، فلم يعد مقتصراً على ألعاب محددة كالنرد والورق والشطرنج، بل ظهرت أشكال جديدة من ألعاب القمار انتشرت بين الناس.
القمار هو المراهنة على حدث غير مؤكد النتيجة بهدف كسب المال، حيث يخاطر المقامر بماله على أمل الفوز. وتدل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على حرمة القمار وتحذر من مخاطره. فالقمار يُعتبر من المحرمات في الإسلام لأنه يؤدي إلى إثارة العداوة والبغضاء بين الناس ويتسبب في مشاكل اجتماعية واقتصادية خطيرة.
تتنوع أشكال القمار في مجتمعاتنا المعاصرة، ومن أشهر هذه الأشكال ما يلي:
1- اليانصيب (اللوتري): وهي مسابقات يشتري فيها الأفراد تذاكر أو بطاقات رقمية على أمل الفوز بجوائز مالية كبيرة.
2- القمار الإلكتروني: انتشرت مواقع القمار عبر الإنترنت التي تتيح للأفراد المراهنة بأموالهم في ألعاب متنوعة كالبوكر والروليت وغيرها.
3- المسابقات التلفزيونية: بعض المسابقات التي تُبث على شاشات التلفاز وتتطلب من المشاركين الاتصال برقم هاتفي مدفوع تعتبر نوعاً من أنواع القمار.
4- ألعاب الورق والنرد: ممارسة ألعاب مثل الشدة (ورق اللعب) والطاولة والنرد مقابل مبالغ مالية تندرج تحت مفهوم القمار المحرم.
5- المراهنات الرياضية: وضع الرهانات المالية على نتائج المباريات والسباقات الرياضية يُعد شكلاً شائعاً من أشكال القمار في وقتنا الحاضر.
تعود نشأة القمار إلى آلاف السنين، حيث وجدت آثار تشير إلى وجوده في حضارات قديمة مثل مصر القديمة وروما واليونان. فقد تم اكتشاف أقدم لعبة قمار في الصين عام 2300 قبل الميلاد، وكانت عبارة عن بلاط يستخدم للعب اليانصيب. ومع مرور الزمن، تطور القمار عبر التاريخ واتخذ أشكالاً متنوعة.
في العصور الوسطى والحديثة، انتشرت أماكن القمار والكازينوهات في أوروبا وأمريكا. فعلى سبيل المثال، ظهرت عجلة الروليت الأولى في باريس عام 1796، مما أدى إلى ارتفاع شهرة هذه اللعبة وانتشارها في العديد من البلدان. كما بدأت لعبة البوكر في نيو أورلينز عام 1829، واكتسبت شهرة عالمية بفضل بث بطولاتها عبر التلفزيون.
ومع ظهور التكنولوجيا الحديثة، تطور القمار ليشمل القمار الإلكتروني. ففي عام 1976، تم تطوير أول ماكينة قمار فيديو في كازينوهات لاس فيغاس، مما أدى إلى عهد جديد من تكنولوجيا المقامرة. واليوم، أصبح القمار عبر الإنترنت شائعاً في العديد من البلدان، على الرغم من القيود القانونية في بعض الدول.
للقمار آثار مدمرة على الفرد والمجتمع، فهو يتسبب في خسائر مالية فادحة، ويؤدي إلى الإفلاس والديون المتراكمة. كما أنه يؤثر سلبًا على العلاقات الأسرية والاجتماعية، ويسبب العديد من الأضرار النفسية والصحية.
يتسبب القمار في خسائر مالية كبيرة للأفراد والأسر، حيث يؤدي إلى تبديد الثروات والأموال فيما لا ينفع. وغالبًا ما يلجأ المقامرون إلى الاستدانة والديون لتمويل إدمانهم، مما يؤدي إلى الإفلاس وتدهور الوضع المالي للأسرة بأكملها.
ينتج عن انتشار القمار في المجتمع العديد من الآثار الاجتماعية السلبية، مثل تفكك الأسر وزيادة معدلات الطلاق. كما يؤدي إدمان القمار إلى إهمال الأدوار الأسرية والمسؤوليات تجاه الأبناء والزوجة. وقد يلجأ المقامر إلى ارتكاب الجرائم كالسرقة والاحتيال لتوفير المال اللازم للمقامرة، مما يزيد من معدلات الجريمة في المجتمع.
يسبب القمار العديد من الأضرار النفسية للمقامرين، حيث يؤدي إلى الإدمان الذي يؤثر على نشاط مناطق الدماغ المسؤولة عن الشعور بالمتعة بشكل مماثل لإدمان المخدرات. وأثبتت الدراسات ارتفاع نسب الأمراض النفسية كالقلق والاكتئاب والإحباط والهلع وانفصام الشخصية لدى المقامرين. كما يصعب على المدمنين التوقف عن القمار رغم المحاولات الفاشلة والرغبة في الإقلاع.
لذلك، فإن الوقاية من الوقوع في إدمان القمار والتوعية بمخاطره أمر ضروري لحماية الفرد والمجتمع من آثاره المدمرة. وينبغي توفير برامج العلاج والدعم النفسي للمدمنين لمساعدتهم على التغلب على هذه المشكلة والحد من انتشارها.
تتفق معظم الأديان السماوية على تحريم القمار بكافة أشكاله وصوره، فهو يعتبر من الآفات الاجتماعية الخطيرة التي تهدد استقرار الفرد والمجتمع. وقد خصصت المصادر الدينية صفحات عديدة لبيان حكم القمار والتحذير من مخاطره، فقد جاء في دراسة مستفيضة تناولت حكم القمار في الإسلام أكثر من 75 صفحة لمناقشة حكم إنفاق المال في مسابقات القمار. كما تم تحليل أكثر من 40 صفحة حول حكم لعب النرد والشطرنج.
يحرم الإسلام القمار تحريماً قاطعاً، فهو من كبائر الذنوب التي نهى الله عنها في كتابه الكريم. يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]. والميسر هو القمار بجميع صوره. كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من لعب النرد فقال: «من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه». وقد أجمع علماء الإسلام على تحريم القمار استناداً للنصوص الشرعية من القرآن والسنة.
على الرغم من عدم وجود نص صريح في الكتاب المقدس يحرم القمار، إلا أن المسيحية تنهى عنه بشكل غير مباشر. فالكتاب المقدس يحذر من الطمع والجشع وشهوة المال، ويعتبر القمار شكلاً من أشكال الشهوة والطمع. كما يحث الإنجيل على العمل الشريف وكسب المال الحلال، ويدعو إلى التوكل على الله وعدم الاعتماد على الحظ. وقد أصدرت الكنائس المسيحية بيانات عديدة تستنكر القمار وتحذر من مخاطره الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية.
تحظر العديد من دول العالم ممارسة القمار وتجرمه لأسباب دينية وأخلاقية واجتماعية واقتصادية. فقوانين القمار تختلف من بلد لآخر، ولكن في كثير من الأحيان تكون العقوبات صارمة على الأفراد والمؤسسات التي تنظم أنشطة المقامرة غير القانونية. تجريم المقامرة يهدف إلى حماية المجتمع من الآثار السلبية للإدمان على القمار.
في المملكة العربية السعودية، يعتبر القمار محرمًا ومجرمًا وفقًا للشريعة الإسلامية. ينص نظام مكافحة جرائم المعلوماتية على عقوبات تصل إلى السجن والغرامات الكبيرة لمن يديرون مواقع القمار عبر الإنترنت. كما يعاقب قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية على إنشاء أو نشر أي محتوى يروج للقمار بالسجن مدة تصل إلى 5 سنوات وغرامة تصل إلى 3 ملايين ريال سعودي.
في دولة الإمارات العربية المتحدة أيضًا، تطبق قوانين القمار بصرامة، حيث يعاقب الأفراد الذين يشاركون في أنشطة القمار بالسجن لمدة تصل إلى عامين وغرامات قد تصل إلى 50 ألف درهم إماراتي. أما الأفراد العاملون في مجال تنظيم القمار فقد يواجهون عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات. وضعت الإمارات لوائح وقوانين صارمة لحظر جميع أنواع المقامرة، بما في ذلك القمار عبر الإنترنت.
تجرم سوريا أيضًا القمار، حيث ينص قانون العقوبات على معاقبة إدارة محلات القمار والمشاركة فيها. وبعد تعديلات عام 2022، رُفع الحد الأدنى للغرامة المنصوص عليها إلى 100 ألف ليرة سورية، بينما يصل الحد الأعلى إلى 500 ألف ليرة سورية. وعلى الرغم من التجريم القانوني، لا توجد إحصائيات واضحة حول أعداد المقامرين في سوريا، لكن يُعتقد أن الأثرياء هم الأكثر ممارسة للقمار في البلاد.
إن الوقاية من الوقوع في إدمان القمار والتخلص من هذه المشكلة أمر ممكن من خلال اتباع بعض الاستراتيجيات الفعالة. فمن المهم أن نتعرف على طرق كيفية تجنب إدمان القمار والتي تشمل الامتناع عن مجالسة المقامرين وشغل وقت الفراغ بأنشطة مفيدة كالرياضة والهوايات، بالإضافة إلى الاقتناع التام بحرمة القمار والتمسك بالقيم الدينية. كما أن اللجوء للعبادة والاستعانة بالله عز وجل يساعد في التغلب على هذا الإدمان.
وفي حال الوقوع في إدمان القمار، فإن هناك طرقًا فعالة لمعالجة المقامرة المرضية. حيث يمكن اللجوء إلى العلاج النفسي والسلوكي عن طريق جلسات العلاج الفردية أو الجماعية، والتي تركز على تعديل السلوك الإدماني. كما أن الانضمام إلى جماعات الدعم مثل مجموعة مدمني القمار المجهولين (Gamblers Anonymous) يمكن أن يكون داعمًا في رحلة التعافي.
للوقاية من الإدمان على القمار، ينصح الخبراء باتباع بعض الخطوات مثل تجنب الأماكن والأشخاص المرتبطين بالقمار، وإيجاد بدائل صحية لشغل وقت الفراغ كممارسة الرياضة أو تنمية الهوايات. كما أن تعزيز الوازع الديني والأخلاقي والوعي بمخاطر القمار يعد من أهم سبل الوقاية. بالإضافة إلى ذلك، فإن وضع حدود للإنفاق وتجنب المخاطرة بالمال من الأمور الهامة للحماية من الوقوع في فخ الإدمان.
يعتبر العلاج النفسي والسلوكي من أنجح الطرق لعلاج إدمان القمار، حيث يساعد على تعديل السلوكيات الإدمانية وتطوير استراتيجيات لمقاومة الرغبة في المقامرة. كما أن الأدوية مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية قد تساعد في علاج الاضطرابات النفسية المصاحبة مثل الاكتئاب والقلق. ولا ننسى أهمية المجموعات الداعمة مثل Gamblers Anonymous في توفير بيئة آمنة للمدمنين لمشاركة تجاربهم وتلقي المساندة في رحلة التعافي. وفي الحالات الشديدة، قد يلزم دخول برنامج علاجي متخصص للتعامل مع الجوانب النفسية والاجتماعية والمالية لهذه المشكلة.
إن القمار هو آفة خطيرة تهدد استقرار الأفراد والمجتمعات، وتؤدي إلى العديد من المشاكل كالإفلاس وعدم القدرة على سداد الفواتير، كما يؤثر سلباً على الصحة العاطفية والجسدية للأفراد، ويتسبب في تدني الأداء في العمل وضعف التركيز، ويزيد من احتمال وقوع أنشطة إجرامية كالسرقة والاحتيال.
ورغم ذلك، فإن شعبية ألعاب الكازينو عبر الإنترنت تشهد نمواً متزايداً في الدول العربية، بما في ذلك بين المستخدمين الناطقين باللغة العربية، حيث توفر الكازينوهات أنواعاً متعددة من الألعاب كالروليت والبلاك جاك والباكارات والنرد وبطاقات الخدش والفيديو بوكر دون الحاجة إلى التحميل أو التسجيل. كما تقدم العديد من مواقع القمار الإلكترونية موثوقة للاعبين العرب مكافآت ترحيبية وعروضاً خاصة.
ولمساعدة المُقامرين في التعافي والتغلب على مشاكل القمار، يوفر الخط الساخن 1800 858 858 الدعم على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، حيث يقدم فريق من المستشارين المؤهلين الدعم المجاني والاستشارات باللغة العربية، والقدرة على ترتيب مواعيد مرنة وفقاً لاحتياجات المتصلين، في سبيل المساعدة في التعافي من آثار القمار المدمرة.
في النهاية، من المهم أن ندرك خطورة القمار وتأثيره السلبي على حياتنا، وأن نسعى إلى طلب المساعدة عند الحاجة، والابتعاد عن كل ما يدفعنا للوقوع في براثن هذه الآفة الخطيرة.
ج: القمار هو كل لعب بين متنافسين على مال يُجمع منهم ويوزع على الفائز منهم ويُحرم الخاسر.
ج: من أشهر أشكال القمار: اليانصيب (اللوتري)، القمار الإلكتروني، مسابقات التلفاز التي تتطلب الاتصال برقم هاتف مدفوع، لعب الورق (الشدة) والنرد (طاولة الزهر) على شرط مالي، المراهنات على المباريات والسباقات.
ج: يتسبب القمار في إفلاس المقامر وتراكم ديونه عليه بسبب خسارته المستمرة. كما يؤدي انتشار القمار في المجتمع إلى تبديد الثروات والأموال فيما لا ينفع.
ج: من الآثار الاجتماعية للقمار: تفكك الأسر، زيادة معدلات الطلاق، ارتفاع نسب الجريمة بسبب محاولة المقامر توفير مصدر مالي للعب.
ج: نعم، ينشأ عن القمار إدمان لدى البعض حيث يؤثر على نشاط مناطق الدماغ المسؤولة عن الشعور بالمتعة بشكل مماثل لإدمان المخدرات. أثبتت الدراسات ارتفاع نسب الأمراض النفسية كالإحباط والهلع وانفصام الشخصية لدى المقامرين.
ج: القمار محرم بكل أشكاله في الإسلام، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة: 90]. ونهى الرسول ﷺ عن لعب النرد.
ج: يحرم الكتاب المقدس القمار بشكل غير مباشر، حيث يحذر من الطمع والجشع وشهوة المال، ويعتبر القمار شكلاً من أشكال الشهوة والطمع.
ج: تحظر العديد من دول العالم ممارسة القمار وتجرمه لأسباب دينية وأخلاقية واجتماعية واقتصادية. من هذه الدول: المملكة العربية السعودية، قيرغستان، اليابان (فيما عدا بعض الاستثناءات)، روسيا. حيث يعاقب على القمار بأحكام قضائية قد تصل للسجن والتعزير حسب قوانين كل بلد.
ج: من طرق الوقاية: الامتناع عن مجالسة المقامرين، شغل وقت الفراغ بأنشطة مفيدة كالرياضة والهوايات، الاقتناع التام بحرمة القمار والتمسك بالقيم الدينية.
ج: يعالج الإدمان على القمار بالطرق النفسية والسلوكية، مثل جلسات العلاج النفسي، الاشتراك في جماعات الدعم، التركيز على تعديل السلوك الإدماني. كما يساعد اللجوء للعبادة والاستعانة بالله عز وجل في التغلب على هذه المشكلة.